728 x 90

مقال بعنوان: خطة ترامب فرص النجاح والفشل!!

مقال بعنوان: خطة ترامب فرص النجاح والفشل!!

خطة ترامب فرص النجاح والفشل!!
✍️ للكاتب: مأمون أبو عامر.

*  المقدمة :

منذ ان أعلن الرئيس الأمريكي عن خطته لوقف الحرب في غزة ونشر السلام في الشرق الأوسط، طرحت تساؤلات عن دوافع ترامب لإعلان هذه الخطة وإلى أي مدى يمكن لهذه الخطة ان تنجح في وقف الحرب والوصول إلى السلام الذي يبتغيه الرئيس الأميركي، فما هي دوافع ترامب وإلى أي مدى يمكن أن تنجح الخطة في الوصول إلى السلام.

  • دوافع ترامب للخروج بالمبادرة

جاءت المبادرة بعد ان شعرت الإدارة الأمريكية بان الوضع في الشرق الأوسط وصل إلى مرحلة خطرة خاصة نتيجة لعدة عوامل:

  • الهجوم على قطر

شكل الهجوم على قطر نقطة تحول خطيرة بعد ان هاجمت الطائرات الحربية الإسرائيلية موقعا كان يجتمع فيه وفد حماس المفاوض لمناقشة دعوة الرئيس ترامب إلى وقف الحرب وقد جاء الاجتماع بطلب من الوسطاء، وبعلم  من الإدارة الأمريكية  ودولة الاحتلال..
أدى الهجوم إلى تداعيات سياسية خطيرة بعد أن شعرت كثير من الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية خاصة الخليجية الخذلان وعدم وجود رد فعل أو موقف واضح من الرئيس الأمريكي ترامب تجاه الهجوم، مما جعل هذه الدول تشعر بالتهديد   وامكانية تكرار مثل هذا السلوك الإسرائيلي بدون ان تقوم القوات الأمريكية في القاعدة العسكرية الأمريكية في العُديد بالرد على الهجوم او منع وقوعه، مما اعتبر تواطئ امريكي ، وحتى منظومات الدفاع القطرية تم تعطيلها  بحكم العلاقة بين أمريكا وإسرائيل الأمر الذي جعل القطريين وغيرهم من حلفاء أمريكا سواء في الخليج أو خارجه يخشون تكرار هذا النموذج مع بلدانهم إذا وجد من في البيت الأبيض أن من مصلحته أو مصلحة أمريكا عدم التحرك للدفاع عن هذا الحليف خدمة لحليف آخر، لسبب أو لآخر .

ازداد الموقف توترا نتيجة لعودة نتانياهو لتهديد قطر أو أي مكان اخر تتواجد فيه قيادات حماس، وزاد من حدة الموقف صدور بعض التهديدات من جهات إعلامية مقربة من نتانياهو اتجاه كلا من تركيا ومصر!!

مما أدى إلى خلق حالة من التوتر الإقليمي والاستياء الدولي. و تسبب في إحراج الإدارة الأمريكية ووضعها في مواجهة موقف عالمي رافض للغطرسة الإسرائيلية،  والتي بلغت ذروتها بتصريحات خطيرة، حينما اعتبر نفسه ملتزما شخصيا بفكرة دولة إسرائيل الكبرى الأمر الذي عده بمثابة صب الزيت على النار وقد جاءت هذه التصريحات عندما سئل نتنياهو عما إذا كان يشعر بأنه “في مهمة نيابة عن الشعب اليهودي”، وأجاب: “أنا في مهمة أجيال، إذا كنت تسألني عما إذا كان لدي شعور بالمهمة، تاريخيا وروحيا، فالجواب هو نعم”، وأردف قائلا: “أنا مرتبط ومرتبط بشدة برؤية إسرائيل الكبرى”.

وتشمل “إسرائيل الكبرى” بحسب المزاعم الإسرائيلية، الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى أجزاء من الأردن ولبنان وسوريا ومصر.

-2 التحولات في الشارع الأمريكي

بلغ قيمة الدعم العسكري الأمريكي حوالي 38 مليار دولار امريكي ثمنا لأحدث الذخائر من صواريخ ومتفجرات من صنع أمريكي .إلا ان مشاهد الإبادة الجماعية التي شاهدها المجتمع الأمريكي عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعيدا عن هيمنة وسائل الاعلام التقليدية من صحافة وتلفزة موجهة تتحكم بها الجهات الصهيونية او الموالية، الأمر الذي أدى إلى تحولات غير مسبوقة في الشارع الأمريكي ضد إسرائيل،  هذا الواقع كانت له تأثيرات كبيرة خاصة في أوساط الشباب الأمريكي من الفئة العمرية 18-24 عاما وبنسبة أقل في الفئات العمرية وبحسب استطلاعات الرأي الأمريكية فإن نسبة 80 % من الأمريكيين المنتمين إلى الحزب الديمقراطي يرون في إسرائيل دولة ترتكب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وأنه 13% من الديمقراطيين يؤيدون إسرائيل.
في الجهة الثانية من الخريطة  الحزبية وفي أوساط الحزب الجمهور والمستقلين ارتفعت أصوات داخل الحزب الجمهوري خاصة في تيار ماجا القاعدة الأساسية الداعمة للرئيس الأمريكي ترامب تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني وتطالب بوقف الدعم إلى إسرائيل هذا الواقع دفع كثيرا من الخبراء الإسرائيليين إلى التحذير من خسارة الساحة الأمريكية  مما يشكل خطرا كبيرا على مستقبل إسرائيل ووجودها.
3-  الموقف الدولي
شكلت ردود الفعل الشعبية المساندة لغزة ورقة ضغط على النخب السياسية الحاكمة في الدول الغربية، مما دفعها للتحرك ولو ببطء نحو اتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل وكان ابرزها التصويت في الأمم المتحدة لصالح وقف الحرب وتدعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكانت ابرز مفاعيل هذه المواقف الدولية الاعتراف  بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة. هذه المواقف وضعت الولايات المتحدة في حالة من العزلة

وقد شكلت الدعوة السعودية الفرنسية لعقد مؤتمر دولي من أجل دعم إقامة دولة فلسطينية تحولا مهما في المواقف الأوربية حيث انضمت 10 دول أوربية إلى مجموعة الدول التي تعترف بدولة فلسطين والتي بلغ عددها إلى 159 دولة، والذي شكل عزلة دولية على حكومة نتانياهو اليمينية، وزاد من مشهد العزلة الدولية خطورة ما شهده مقر الأمم المتحدة في نيويورك في دورته العامة من انسحاب معظم الوفود الدوليين حين صعد نتانياهو إلى المنصة لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

  • الفشل في القضاء على حماس

فشل الجيش الإسرائيلي خلال العامين في القضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية، أو تحقيق ما يسمى بالنصر الكامل الذي روج له نتانياهو على أساس القضاء على حماس وتحرير الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، بالرغم من قوة الحملة العسكرية الإسرائيلية والتي أطلق عليها ” عربات جدعون -2″ بعد أن نفذ حملة عسكرية سابقة باسم عربات جدعون، هذا الفشل تسبب في زيادة الحرج لحكومة نتانياهو ودفعها لاتخاذ إجراءات غير مسبوقة لحسم الموقف تمثلت بالقيام بعمليات التدمير الشامل لمدن كاملة لقطاع غزة كما حدث في رفح وبيت حانون، وتدمير واسع يزيد عن 80% من المدينة كما حدث في خانيونس وغزة، علاوة على عمليات القتل والتجويع للسكان المدنيين. مما وضع الرئيس الأمريكي في حالة من الحرج بسبب منحه نتانياهو الضوء الأخضر لنتانياهو لحسم المعركة في غزة عسكريا. مما ساهم بدفع الإدارة الأمريكية للتحرك للبحث عن مخرج.

  • خطة ترامب

شكلت مجموعة المفاعيل السابقة دافعا للإدارة الأمريكية للبحث عن مخرج من حالة الغضب الدولي والإحراج الذي واجهته الإدارة الأمريكية داخليا وعالميا، ونقلت ميدل إيست مونيتور أن ترامب أشار إلى أن إسرائيل تواجه عزلة غير مسبوقة، ليس فقط من خصومها، بل من حلفائها أيضاً. الغضب العالمي لم يقتصر على الشعوب التي خرجت في مظاهرات ضخمة ضد الحرب، بل امتد إلى حكومات فرضت عقوبات رسمية على تل أبيب مثل إسبانيا، ومحاكم دولية فتحت ملفاتها للتحقيق في جرائمها في غزة، إضافة إلى تصاعد حملات المقاطعة وتسيير القوافل البحرية التضامنية. بالنسبة لواشنطن وتل أبيب، أدّت هذه التحولات إلى إدراك أن ميزان القوة العالمي لم يعد لصالح إسرائيل كما كان.

وصول الموقف إلى هذه المرحلة دفع الرئيس ترامب إلى دعوة عدد من القادة العرب والمسلمين إلى لقاء معه في البيت الأبيض ليقدم لهم مبادرته الخاصة للسلام في الشرق الأوسط والتي تبدأ من وقف الحرب في غزة. إلا أن ترامب بعد لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو بيومين، تراجع عن بعض البنود، ورغم ذلك أعلنت  حماس قبولها للخطة، وقد جاء هذا القبول بعد حصولها على ضمانات شخصية من الرئيس الأمريكي ترامب، والوسطاء الإقليمين مصر وقطر وتركيا الذين أصبحوا أكثر انخراطا في المواجهة مع إسرائيل، وبعد مشاورات مع فصائل فلسطينية من الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي ” فتح”.

رحبت حماس بالخطة الأمريكية المكونة من 20 نقطة وأعربت عن استعدادها لتنفيذ الفوري للخطة التي تقوم على ثلاث مستويات، الأول: يخص حماس والمقاومة، ويقضي بان تسلم المقاومة كل الأسرى الإسرائيليين الأحياء دفعة واحدة، وتلتزم حماس بتسليم كافة جثث للأسرى القتلى لديها، مقابل وقف الحرب وتدفق المساعدات وبدأ الإعمار. الثاني: مستوى وطني ويقضي بان تتشكل سلطة بديلة لحركة حماس في غزة وتسلم حماس سلاحها وبالتالي لا يمكن لحماس لوحدها ان تحسم هذا الملف بدون اتفاق وطني، وقد قدمت مصر خطتها لإدارة قطاع غزة بتكليف عدد من الشخصيات الفلسطينية الأكاديمية ما يسمى “لجنة الإسناد المجتمعي” لتحل محل سلطة حماس، أو سلطة فتح المتمثلة بالسلطة الوطنية الفلسطينية، حيث أطلق نتانياهو شعار ” لا حماستان ولا فتح ستان”. الثالث: استغلال قوة الدفع الناتجة عن نجاح وقف الحرب في غزة للدفع لإعادة احياء مسار التطبيع الإبراهيمي بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية، وهذا سيعتمد على نجاح المسارين السابقين المتمثلين بنجاح تطبيق شروط وقف الحرب، وحل معضلة الجهة الحاكمة في غزة ونزع سلاح قطاع غزة.

  • العوامل التي أدت إلى نجاح التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار

شكلت موافقة حماس على تسليم الأسرى الإسرائيليين الأحياء دفعة واحدة عاملا مشجعا للرئيس ترامب للدفع بالتطبيق وقف اطلاق النار بالرغم من محاولات نتانياهو التهرب من التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار، ويرجع ذلك إلى أن الرئيس ترامب يرى في مسألة الأسرى مسألة كرامة شخصية له ومكانته تجاه حلفائه من اللوبيات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة ، علاوة على التزام شخصي قطعه لعائلات الأسرى الإسرائيليين.

كما ان موافقة حماس على تسليم الأسرى بدون شروط مسبقة وبضمانات شخصية من ترامب بخلاف الجولات السابقة من المفاوضات التي كانت حماس تصر فيها على الإمساك بورقة الأسرى كضمانتها الوحيدة لوقف إطلاق النار، خشية ان يعود نتنياهو للحرب بعد تسلم الأسرى!!

التقدير
تشكل العوامل الميدانية قوة ضغط على الأطراف للسير نحو الاستمرار بتنفيذ الخطة في المرحلة الأولى، إلا أنها ستواجه تعقيدات الانتقال للمرحلة الثانية والتي تتمثل بعاملين اساسين:

  • تفسيرات الاتفاق وآليات التنفيذ خاصة في مسائل معقدة وهي كيفية تشكيل سلطة إدارية في قطاع غزة بعيدا عن حركة حماس.
  • مسالة سلاح المقاومة، حيث سيدور النقاش حول طبيعة السلاح ونوعيته وهل يشمل الأنفاق والأسلحة الخفيفة مثل البنادق، وكذلك الجهة التي يمكن ان تتولى إدارة ملف تسلم السلاح.

الخلاصة

شكلت العوامل السابقة قوة دفع لتحرك الرئيس الأمريكي ترامب لطرح مبادرته الخاصة لوقف الحرب وتحقيق السلام في المنطقة. لكن هناك معوقات تتمثل في اختلال موازين القوى لصالح الاحتلال، وانحياز أمريكي إلى الجانب الإسرائيلي في ظل الطبيعة المراوغة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو من دون حزم امريكي يُلزم الجانب الإسرائيلي بصورة دقيقة وعادلة. ومع ذلك تبقى فرص نجاح وقف الحرب كبيرة مع احتمال حدوث أزمات متحديات تبرز من حين لآخر وكل ذلك في نهاية الأمر يعتمد بشكل كبير على مدى التزام الرئيس ترامب بتنفيذ خطته للسلام .

 

 

إقرأ أيضًا