ليبيا وصلتها بمشروع الشرق الأوسط الجديد
بقلم: أحمد المهذب.
معلوم بأن مشروع الشرق الأوسط الجديد قام على نظرية الفوضى الخلاقة التي طرحتها الإدارة الأمريكية في سياق تبرير احتلالها للعراق وقد أعلنت عن ذلك بشكل علني واضح وزيرة الخارجية الأمريكية ” كونداليزا رايس ” أثناء حكم بوش الإبن والسؤال الذي يطرح نفسه هل في مخطط الأمريكان اليوم إلحاق ليبيا بمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تعمل الإدارة الأمريكية ومعها بعض دول الغرب من أمثال بريطانيا وفرنسا وألمانيا مع محاولة إيجاد موضع لهم فيه للحفاظ على عملائهم في ليبيا.
من خلال ما نراه شاهداً على الساحة الليبية يتأكد لنا أن أمريكا تعمل على ضم الساحة الليبية إلى مشروعها ” الشرق الأوسط الجديد ” ولذلك نراها تعرقل الحلول الجادة لحلّ المسألة الليبية وتعمل على الإبقاء على حالة الاحتراب بين الأطراف المحلية، على أن لا يصل هذا الاحتراب إلى مرحلة إلغاء بعض الأطراف المحلية فمن المهم في نظر الأمريكان بقاء حالة العداء بين هذه الأطراف والحيلولة دون أن يتغلب أحدهم على البقية، ولذلك جاء التدخل التركي على أثر الوجود الروسي في البلاد عبر ” الفاغنر” الذين أتى بهم حفتر عميل أمريكا إلى البلاد وأشركهم في حربه على كتائب الغرب الليبي فكان الإذن بدخول تركيا بسلاحها وقواتها إلى الساحة الليبية بضوء أخضر من أمريكا إلى جنب قوات الغرب الليبي للمساعدة في هزيمة حفتر وإرجاعه إلى منطقة سرت فقط.
إن الذي يجري في ليبيا منذ سنة 2011 ليس وليد الظروف المحلية فقط بل يبدو عليه انه جزء من مشروع أمريكي يتعلق بالمنطقة كلها يعرف بإسم مشروع الشرق الأوسط الجديد، فكانت نظرية “الفوضى الخلاقة” لخدمة هذا المشروع، ومن مقتضيات هذا المشروع كما يراه الأمريكان ضرورة تفكيك ما يسمى “بالدولة الوطنية والقطرية” وإعادة تشكيل مؤسساتها السياسية والاقتصادية على أسس تخدم المستعمر الأمريكي وربطها به فقط ويتضح هذا فيما يجري في السودان وسوريا واليمن الآن والعراق قبلهم.
وهذا التفكيك لما يسمى بالدولة الوطنية يقوم على إلحاق القطع الناتجة عن ذلك بمنظومة التبعية لهذا المستعمر الأمريكي بحجة السعي “للإصلاح والديمقراطية”.
وعليه لابد من إيقاظ المخلصين الموجودين على الساحة على ضرورة وعيهم على ما يحاك للبلاد حتى ولو كان ما يعرضه الغرب عبر بعثة الأمم المتحدة ظاهره الرحمة من مشروع “الإصلاح والديمقراطية” في حقيقته هو العذاب بعينه. وما لم يتعظ المخلصون مما حصل الآن في فلسطين وغزة والسودان وما كان قبلها في العراق فلا واعظ له بل يجب عدم الاستماع اليه وعدم السير خلفه، وقد يسأل سائل فما العمل إذاً ؟! وكيف السبيل للخلاص من هذا الواقع؟!!
فنقول وبالله الاستعانة:
1- لابد من توحيد الآراء حول وحدة البلاد وعدم قبول التجزئة والانقسام.
2- العمل على توحيد السلاح وجعله تحت امرة واحدة وقيادة واحدة مخلصة.
3- العمل على توحيد القرار الاقتصادي وجعل القرارات والتشريعات تركز على السيادات المالية وسحبها من يد المرتزقة والتابعين لأجهزة الغرب والأمريكان بشكل مخصوص.
4- العمل على تحقيق العدالة في القانون بين المواطنين والعدالة في الانفاق على كل المناطق والناس الذين يحملون التابعية.
5- بناء جهاز إداري مهني بعيداً عن الولاءات المناطقية وبعيداً عن الولاءات المتعلقة بأشخاص معينين، وهذا لا يتم إلا بعد وجود منظومة قانونية صحيحة تساوي بين حاملي التابعية جميعاً وذلك لا يتم إلا بالاعتماد على منطق الأحكام الشرعية في ذلك.
6- العمل على البعد عن الأشخاص والجماعات المرتبطة بالغرب وفلسفته في الحياة التي تقوم على “النفعية ” كيفما كانت والتي تؤمن بفصل الدين عن الحياة.
7- بثّ الشعور بأن الأمة الإسلامية أمة واحدة و”المسلم أخو المسلم” وأن حدود سايكس بيكو هي “قيود” وضعها المستعمر الغربي على عباد الله في زمن الضعف والخضوع، للحيلولة دون تعاونهم وتعاضدهم، وحتى لا يندفعوا لنصرة اخوانهم.
8- العمل على رفع مستوى الخطاب الاعلامي بحيث يواكب قضايا الأمة المصيرية كقضية تحكيم شرع الله وقضية فلسطين من حيث أنها “قضية إسلامية” ولا تخصّ أهل فلسطين وحدهم.
9- رفع مستوى الخطاب على صفحات الشبكة العنكبوتية بحيث يكون خطاباً فكرياً ومحاصرة منطق التفاهة المنتشر الآن على أغلب الصفحات الإلكترونية الفردية وحتى المجتمعية منها بحيث تصبح هذه الصفحات وسيلة للرُقي بالجماعة والمجتمع.
10- اعتماد إعلام مقاوم للأفكار الهابطة والأفكار الغربية التي تحط من قدر الإنسان والعمل على تشكيل الوعي الجماعي ضد مشاريع الغرب التفكيكية سواء أكانت على أساس مناطقي أو اثني عنصري يخدم مشاريع التفكيك والتجزئة من أمثال مشروع فصل الغرب الليبي عن شرقه ومشروع فصل الأمازيغ وفصل التبو عن المحيط العربي.
11- ضرورة لفت أنظار العامة إلى أن الحياة الكريمة على هذه الأرض هي للكبار و للوحدات البشرية الكبيرة والأمم وليست للقبائل الصغيرة، فها هي أمريكا تسيطر على العالم نتيجة حجمها وقوتها وها هي الصين وأوروبا تتوحد رغم اختلاف أقطارها في كل شيء في اللغة، والدين، والأعراق، وليس لها من عوامل الوحدة سوى “الوضع الجغرافي” والليبيون باعتبارهم شعباً جزءاً من شعوب المسلمين فإن الذي يجمعهم أمر عظيم، الإمتداد الجغرافي والدين واللغة والأعراف الإجتماعية والثروات المتواصلة والمتنوعة التي تلبي حاجات المجموعة البشرية الهائلة في هذه البلاد فهي لا تحتاج إلا إلى تفعيل فكرتها التي كلّفها الله بها وحباها بها.
۩إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ۩
۩اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا۩.


















